الأربعاء، 26 يوليوز 2017

كن أنت


كن أنت حزبك الملهم وعشيرتك الوفية، كن أنت وطنك الغالي والنفيس والحلم الوحيد الملهم لإديولوجيتك، كن مع نفسك دائما، لا تخذل أناك...لا تكترث لنداءات الراغبين في تدميرك، إنهم الطوفان نفسه، لذلك حاول أن تبتعد منهم ما أمكن...أن تترك بينك وبينهم مسافة حقد تترسخ قناعتها مع الأيام... تجاهلهم بقدر ما تستطيع ولا تكرههم فإنهم لا يستحقون، تصرف معهم على نحو أسوأ دائما...لا تضع مصيرك في يد أحد غيرك...ولا تجعل أحدا سندا لك...توسد إرادتك دائما ولا تلقي بنفسك في الجحيم من أجل أحد...لا تلجأ أبدا إلى التضحية بسعادتك...ولا تقدم على فعل ما يسمونه خيرا أبدا....وإياك أن تسقط، فبمجرد أن تقع...سيظهرون لك كل أنواع شرورهم... احرص على أن تختار في الصداقة ما يناسب صدق العلاقة وفي الحب تلك التي ستقاتل الجميع من أجلك...إقرأ كثيرا الكتب العميقة وتجنب الاستماع لأحاديث الجبناء والسذج والسطحيين...ناضل في سبيل حريتك الخاصة...ولا تنسى؛ أكتب لتسخر من العالم.

هوامش لا أدرية


1-
الأدب ليس مجرد أدب -بالمعنى الشائع عنه-، إنه ليس مجرد لغة أو ميتا-لغة حتى، إنه أكثر من ذلك؛ إمكانية من بين إمكانيات مختلفة للتفكير في العالم، هذا التفكير الذي لا يمكن اختزاله بأية ذريعة في ممارسة العقل "التعقل"، فللعالم أكثر من مدخل، إن أبوابه كثيرة والأدب أحدها، شريطة أن يضع نفسه موضع قلق إزاء العالم، أو العكس (أن يضع العالم موضع قلق تجاه ذاته)، وإذا عجز عن القيام بذلك يكف عن أن يكون أدبا.
الأدب سواء كان نثرا أم شعرا ليس مجرد لغة، لأن اللغة ذات المستوى الواحد تقف عند حدود التظاهر، إنها تتظاهر بالمعرفة والوعي، ولكنها لا تفكر في ذلك، لهذا فإن اللغة حسب الفهم الساذج للأدب لا تفكر، إنها فقط تصف أو تقص أو تتخيل...، بدون أن تتأمل أو أن تتساءل، إن الفكرة إذن هي التي تجعل من الأدب أدبا بالفعل، وبمدى عمقها وإزعاجها لسكون الفهم تقاس قيمتها.
الأديب هو الذي يضعنا في نصوصه أمام موقف جذري من العالم، وكلما اكتفى الأدب بجزالة اللفظ وتقنيات السرد أو النظم، ظل أدبا بلا أدب. وكلما تمت ممارسة الأدب على هذا الأساس حولت معه اللغة مهمتها لتصبح هي المهمة في حد ذاتها، لتصبح هي نفسها المفككة لميتافيزيقا العالم، هنا يكون القارئ مطالبا بأن يصعد إلى النص، عوض العكس، وبأن يقرأ النص دون أن يستوعبه منذ البداية، أن يمتحن قدراته ومنظوريته للأشياء والذوات في نص-محنة.إن هذا الفهم لا يدافع عن البعد الأداتي للأدب وتبعيته للفكر، ومناط ذلك أن الفكر ليس دائما برهانيا بشكل يجعأله متناقضا مع الأدب. الفكر كما أسلفنا إمكانيات متعددة...وهذا ما يجعل المقبل على الأدب مطالبا بأن يتموقع في النص، أن يدرك في النهاية بأنه إزاء موقف.
2-
لا يخرق الأدباء الواقع في النصوص، إنهم بالأحرى ينتقمون منه، لأن أغلبهم ينتمي إليه، خضوعا وانضباطا... قلة منهم من تشكل تجربتهم الإبداعية جزءا من خرقهم للواقع ككل، كتجربة إنسانية متسمة بالاضطراب...، إذ ذاك يعيش الأدب أديبه، يغرق فيه الأدب بكل تفاصيله، يصير منجزه الإبداعي بعضا منه، أو كله أحيانا. أغلب الكتاب يمارسون الأدب بوصفه هامشا، وفي نظرهم الأدب لا ينتمي إليهم، ومع ذلك يكذبون ومصرون دائما على ادعاء العكس، خصوصا حينما يصف أحدهم الأدب قائلا: إنه كل ما أملك. لكن، لو سألته عن موقف مضمر أو عن سر مخجل أو عن جماليات ماجنة في نص ما، لأجابك في الحال: "هذا مجرد أدب".